باستثمارات تتجاوز مليار و300 مليون دولار.. مجموعة "أكديطال" المغربية تتوسع في السوق السعودية عبر الاستحواذ والبناء وتضع عينها على الإمارات وتونس
كشفت مجموعة "أكديطال" المغربية، الرائدة في القطاع الصحي الخاص، عن دخولها الرسمي إلى السوق السعودية كأول وجهة توسع خارج المغرب، باستثمارات إجمالية تفوق 5 مليارات ريال سعودي، أي ما يعادل أزيد من مليار و300 مليون دولار، في خطوة تعكس انتقال المجموعة من فاعل وطني إلى لاعب إقليمي في مجال الرعاية الصحية.
وأوضح إلياس الحارثي، نائب المدير التنفيذي لمجموعة "أكديطال"، في تصريحات لقناة "الشرق اقتصاد" التابعة لمجموعة بلومبيرغ الأمريكية، أن اختيار المملكة العربية السعودية جاء نتيجة تقاطع مجموعة من العوامل البنيوية، أبرزها تشابه معايير القطاع الصحي بين البلدين، والتوجه الواضح نحو دعم وتطوير القطاع الخاص المهيكل في هذا البلد.
وأبرز الحارثي أن من بين الدوافع الأساسية للتوسع في السعودية وجود مقاربة قريبة من التجربة المغربية، سواء من حيث التركيبة السكانية، أو من حيث تنزيل استراتيجية التغطية الصحية الشاملة، وهو ما يشكل بيئة مألوفة تسمح بنقل الخبرة المغربية وتكييفها مع خصوصيات السوق السعودية.
وأضاف المتحدث ذاته أن مجموعة "أكديطال" تسعى إلى دخول السوق السعودية بـ“نظرة مغربية" وتجربة طبية متراكمة، ليس بهدف التنافس مع المجموعات الكبرى المتواجدة، بل لتكملة العرض القائم وتعزيز التنوع في الخدمات الصحية المقدمة، خصوصا في الشريحة المتوسطة.
ووفق المعطيات التي كشفها المسؤول ذاته، فإن الاستثمارات المبرمجة خلال الفترة ما بين 2025 و2030 تأتي في انسجام مباشر مع رؤية السعودية 2030، وتهدف إلى تطوير مشاريع صحية في عدد من المدن التي خضعت لدراسات سوقية دقيقة من حيث الطلب والعرض والتخصصات الطبية المطلوبة.
وتشمل خارطة التوسع الأولية مدن الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وجدّة، إضافة إلى مدن أخرى يجري تحديدها بناء على معايير الجدوى الاقتصادية والحاجيات الصحية المحلية، على أن يتم تطوير هذه المشاريع عبر مسارين متوازيين هما الاستحواذ والبناء.
وفي ما يتعلق بطبيعة المنافسة في السوق السعودية، شدد الحارثي على أن حضور "أكديطال" ليس تنافسيا بالمعنى التقليدي، بل تكاملي، مشيرا إلى أن العديد من المجموعات الصحية الكبرى في المملكة تستهدف أساسا الشريحة العليا، في حين تستهدف "أكديطال" الخدمات الموجهة للطبقة المتوسطة.
وأكد أن فلسفة المجموعة، كما هو الحال في المغرب، تضع المريض في صلب العملية الطبية، مع الحرص على تحقيق معادلة متوازنة بين الجودة والأسعار، وهو ما يفرض اعتماد استراتيجية دقيقة في التسعير دون المساس بمعايير الخدمات الصحية.
وبخصوص النموذج الاستثماري، أوضح نائب المدير التنفيذي أن استراتيجية أكديطال تقوم على محورين أساسيين، هما محور الاستحواذ والتشغيل السريع، ومحور الاستثمار والبناء، مع اعتماد وتيرة متوازنة بين المسارين لضمان تحقيق أهداف المجموعة في آجال معقولة.
وكشف في هذا السياق أن المجموعة تستهدف بلوغ ألف سرير عبر عمليات الاستحواذ خلال السنوات المقبلة، بالتوازي مع دخول المستشفيات الجديدة التي يتم بناؤها حاليا حيز التشغيل، وذلك في أفق الفترة الممتدة بين 2026 و2030.
وأبرز الحارثي أن خيار الجمع بين الاستحواذ والبناء لا يرتبط فقط بالتوسع السريع، بل يهدف أيضا إلى ضمان تحقيق الربحية في السنوات الأولى من الاستثمار خارج المغرب، بدل انتظار اكتمال المشاريع الجديدة التي تتطلب آجالا أطول قبل بدء التشغيل.
وفي ما يخص التراخيص والتعامل مع الجهات المعنية، أشاد المسؤول ذاته بتفاعل السلطات السعودية، معتبرا أن الإطار التنظيمي ورغبة المملكة في استقطاب الاستثمارات، خاصة في ظل رؤية 2030، شكلا عاملا حاسما في اتخاذ قرار التوسع.
وأضاف في هذا السياق أن التسهيلات والدعم الذي حظيت به المجموعة من قبل الجهات السعودية المختصة عكس إرادة واضحة لتطوير قطاع صحي خاص مهيكل وقادر على الاستجابة للطلب المتزايد، وهو ما عزز ثقة "أكديطال" في نجاح تجربتها بالسوق السعودية.
وعلى مستوى التوسع الإقليمي، كشف الحارثي أن استراتيجية المجموعة في منطقة الخليج ترتكز على دولتين أساسيتين، هما السعودية كمرحلة أولى، ثم الإمارات العربية المتحدة في مرحلة لاحقة، في إطار رؤية توسعية مدروسة.
وخارج الخليج، أعلن المسؤول ذاته أن "أكديطال" استحوذت، قبل أيام، على حصة الأغلبية في مجموعة صحية رائدة في تونس، تضم أكثر من 600 سرير، وتتوفر على تجربة تمتد لأزيد من عشر سنوات، في أول استثمار للمجموعة خارج المغرب في شمال إفريقيا، ما يؤكد طموحها للتحول إلى فاعل صحي إقليمي متعدد الأقطاب.
